منح جيش الاحتلال «الإسرائيلي» الجيب الاستيطاني في وسط مدينة الخليل المحتلة في جنوبي الضفة الغربية، سلطة إدارة شؤونه البلدية في إجراء يعزز الفصل العنصري في المدينة.
وقال جيش الاحتلال إنه وقع أمراً بتعزيز سلطات المستوطنين الذين كانوا يسيرون شؤونهم اليومية عبر مجلس يمثل إدارة محلية ولم تكن له صفة قانونية. وقال الجيش: إنه «بموجب هذا الأمر، سيتم تشكيل مجلس يمثل سكان الحي اليهودي الاستيطاني في الخليل ويوفر خدمات بلدية لهم في مجالات مختلفة».
وقال وزير الحرب «الإسرائيلي» افيغدور ليبرمان: إنه أمر بإحداث التغيير في وضع مجلس المستوطنين وتعهد بأن يفعل المزيد من أجلهم، وأضاف: «إن تقوية المجتمع اليهودي في الخليل هو بالنسبة لي غاية في الأهمية، أنا مصمم على مواصلة تطوير الاستيطان حتى ينمو ويزدهر».
تأثيرات وخطر تشكيل مجلس للمستعمرين في الخليل
يعتبر تأسيس لإدارة شؤون المستوطنين بالخليل، تحويلًا للمنطقة من H2 إلى منطقة “ج”، ما يعني أن جميع أملاك الأهالي وشؤون الفلسطينيين ستكون مباشرة مع الإدارة المدنية، وهو ما يعني صعوبة تطوير المنطقة فلسطينيًا.
وبحسب الناشط في “شباب ضد الاستيطان” عيسى عمرو، فان خطوة الاحتلال هذه تعني مصادرة جميع الأماكن العامة وأملاك بلدية الخليل ووضعها تحت تصرف بلدية المستوطنين الجديدة، ومنها “منطقة الاستراحة والحسبة والكراج القديم وملعب المدرسة الإبراهيمية وبركة السلطان وعشرات المرافق التي كانت تستخدم للعامة”.
كما يعني تأسيسه، عزل المنطقة بالكامل وتحويل هويتها الفلسطينية بالكامل إلى منطقة يهودية، بما فيها مصادرة جميع المحلات والمنازل المغلقة والمتروكة في تلك المنطقة.
وتفرض هذه الخطوة تقييدًا أكثر لحرية الحركة للأهالي والمؤسسات الفلسطينية في المنطقة المذكورة، تقليل عدد المصليين في المسجد الإبراهيمي وزيادة زواره من المستوطنين.
كما يمثّل تأسيسه، تغولًا في سياسة الفصل العنصري والتمييز العرقي للمنطقة، بالإضافة إلى إلغاء اتفاقية الخليل بالكامل وتحدي قرار اليونسكو الأخير.
وكانت الأمم المتحدة اعتبرت في تموز/ 2017، مدينة الخليل القديمة إرثًا عالميًا مهددًا في قرار أغضب “إسرائيل”.
وكان قد تم الاتفاق، بعد ثلاث سنوات من مجزرة الحرم الإبراهيمي التي نفذها الأميركي الإسرائيلي باروخ غولدشتاين، أسفرت عن استشهاد 29 فلسطينيا في 1994 على أن يتولى الفلسطينيون شؤون 80 بالمائة من الخليل.
وهذا القرار العنصري سيدفع ثمنه 40 ألف فلسطيني يعيشون في تلك المنطقة، بالإضافة إلى سكان المدينة البالغ عددهم 250 ألف مواطن، حيث يستعمر نحو 800 إسرائيلي تحت حماية جيش الاحتلال الإسرائيلي، في عدد من المجمعات المحصنة في قلب المدينة.
وبحسب خرائط الاحتلال، فان تعريف الحي اليهودي الذين ينوون تشكيل مجلسًا لإداراته، يشمل السكان الفلسطينيين والمستوطنين الذين يسكنون داخل الحواجز (21 حاجزًا)، حيث يبدأ من عمارة قفيشة، تربة اليهود، منطقة تل الرميدة ومنطقة الزيتون فيها، داخل حاجز الكونتينر وشارع الشهداء، ومحيط مدرسة قرطبة والعين الجديدة، منطقة البركة والسهلة، محيط المسجد الإبراهيمي، حارة السلايمة وغيث، وجزأ من حارة جابر والجعبري، واد النصارى والحصين، وشارع عثمان بن عفان).
ويهدف هذا القرار لاسيما الاستعماري الجديد إلى الآتي:
أولا: إلغاء وإسقاط "برتوكول الخليل لإعادة الانتشار" الموقع بين منظمة التحرير ودولة الاحتلال الإسرائيلية في يناير / كانون ثاني 1997؛
ثانيا: تحويل مدينة الخليل المعرفة ب( إتش2 ) إلى منطقة (سي) والعمل على تهويدها وضمها إسوة بمدينة القدس العاصمة الفلسطينية المحتلة؛
ثالثا: تحويل الحرم الإبراهيمي الشريف كله إلى كنيس يهودي، وإلغاء التقسيم المكاني فيه كليا لصالح المستعمرين الصهاينة؛
رابعا: إسقاط خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967 كليا، لاسيما وان القرار الجديد يتكامل مع سلسلة انتهاكات استعمارية تطال الضفة الفلسطينية من شمالها لجنوبها ومن غربها لشرقها ..
وهنا تستدعي الضرورة من القيادة الفلسطينية العمل فورا على التالي:
أولا: المباشرة بحملة سياسية ودبلوماسية عربية وإسلامية ودولية مكثفة؛
ثانيا: الاستفادة من انعقاد مجلس وزراء خارجية الدول العربية في التاسع من الشهر الجاري لإثارة المسألة، ومطالبة الدول الشقيقة باتخاذ ما يلزم من قرارات حاسمة، تكون على مستوى المسؤولية القومية تجاه قضية العرب المركزية؛
ثالثا: تصعيد الكفاح الشعبي بشكل واسع وعميق لإيصال رسالة للعالم كله، كما حصل في هبة القدس العاصمة في النصف الأخير من شهر يوليو/ تموز الماضي؛
رابعا: اللجوء فعلا ودون انتظار لمحكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية لملاحقة قيادة الائتلاف اليميني المتطرف الحاكم؛ خامسا دعوة مجلس البلديات العالمي للانعقاد وإثارة القرار الاستعماري أمامه؛ خامسا: تصعيد حملات المقاطعة رسميا وشعبيا وعلى كل الصعد لإسرائيل الخارجة على القانون، وعدم الاستجابة للدعوات الأميركية وغيرها، التي تطالب القيادة بالانتظار لحين بلورة الصفقة التاريخية، لان تصعيد النضال وملاحقة حكومة المستعمرين الإسرائيلية لا يتناقض مع اي خطوات سياسية تتعلق بالسلام. لاسيما وان الحقوق الوطنية تستباح على مرأى ومسمع العالم كله، وإسرائيل لم تتوقف لحظة عن ارتكاب وانتهاك مصالح الشعب الفلسطيني العليا، فلماذا إذا مطلوب من القيادة الفلسطينية الانتظار في الوقت الذي لا تنتظر فيه إسرائيل تلك الصفقة، غير معروفة التفاصيل والملامح؟
سادسا: المبادرة إلى سحب الاعتراف بإسرائيل من قبل منظمة التحرير للتلويح بأوراق القوة الفلسطينية، وخلط الأوراق كلها، ليعلم العالم وفي مقدمته الإدارة الأميركية أن قيادة منظمة التحرير قادرة على الدفاع عن مشروعها الوطني ومصالح شعبها.(عمر حلمي الغول).
عريقات: مجلس إدارة المستوطنين في الخليل هو تنفيذ فعلي لمشروع إسرائيل الكبرى
اعتبر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د.صائب عريقات قرار تشكيل مجلس إدارة شؤون المستوطنين في مدينة الخليل، ومنحهم "سلطة إدارة شؤونهم البلدية"، بمثابة التنفيذ الفعلي لمشروع إسرائيل الكبرى، وضم المناطق الفلسطينية إلى إسرائيل من خلال الترسيم الفعلي للمستوطنات غير القانونية وشرعنتها، والاعتراف بها ومنحها السيادة على ارض دولة فلسطين المحتلة، في مخالفة صارخة للقوانين والأعراف الدولية وقرارات الأمم المتحدة وآخرها قرار مجلس الأمن 2334.
وطالب عريقات، المجتمع الدولي وعلى رأسه الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة، بالتحرك العاجل والفوري لاتخاذ إجراءات عملية وملموسة لإلزام إسرائيل، بالتراجع الفوري عن القرار العسكري العنصري الذي اتخذته بشأن تشكيل هذا المجلس للمستوطنين والذي يمنحهم "سلطة إدارة شؤونهم البلدية"، وطالب بوقف الاستيطان غير الشرعي، ومحاسبة ومساءلة الاحتلال ومستوطنيه على جرائمهم وانتهاكاتهم المتواصلة والممنهجة ضد أبناء شعبنا والقانون الدولي.
واعتبرت منظمة “السلام الآن” الإسرائيلية أن الأمر الجديد ليس مجرد أمر إجرائي، موضحة أنه “من خلال منح المستوطنين اليهود وضعًا رسميًا فإن الحكومة الإسرائيلية تشرع نظام الفصل العنصري في المدينة”.
ورأت الحركة الإسرائيلية المعارضة، في بيان لها أن “هذه الخطوة لهي مثال آخر على سياسة تعويض أكثر المستوطنين تطرفًا على أعمالهم المخالفة للقانون”.
• مصادر متعدد للخبر والمعلومات الواردة في هذا التقرير.